خلافات "إيران-طالبان" أعمق من مياه هلمند وأبعد من حدود الجغرافيا: هل حان وقت المعركة ؟....

تاريخ الإضافة الجمعة 2 حزيران 2023 - 7:03 م    التعليقات 0

        

خلافات "إيران-طالبان" أعمق من مياه هلمند وأبعد من حدود الجغرافيا: هل حان وقت المعركة ؟....

أورينت نت - عمار جلو.. اشتباك طالبان مع حرس الحدود الإيراني "حرب خطيرة"، على حد وصف أبو الفضل ظهره وند، السفير الإيراني السابق في أفغانستان، مشيراً حسب صحيفة اعتماد لإمكانية استئنافها لأسباب أخرى، وعليه، على المرء أن يكون "يقظاً" للغاية. ووفقاً لموقع إيران إنترناشيونال، هدد القيادي في طالبان عبد الحميد خراساني، في مقطع فيديو نشره على "تويتر" بالقول، إن جنود الحركة "سيقاتلون إيران بشوق أكبر من قتالهم مع الولايات المتحدة الأميركية". في المقابل، حذّر قائد القوات البرية للجيش الإيراني، كيومورس حيدري، من رد قوي في حال لم تحترم طالبان اللوائح الحدودية بين البلدين، حسب موقع طهران تايمز، مضيفاً أن القوات البرية للجيش الإيراني هي التي تسيطر وحدها على المناطق الواقعة على طول الحدود مع أفغانستان. وشهدت الفترة الماضية، تصعيداً واضحاً في مسار العلاقات الإيرانية-الأفغانية، حول حقوق الطرفين بتقاسم مياه نهر هلمند بموجب اتفاقية عام 1973، ما لبثت أن تطورت لاشتباكات حدودية أدت إلى مقتل قائد طالباني وجنديين من حرس الحدود الإيراني.

مياه هلمند تشعل النيران

من مدينة تشابهار القريبة من نهر هلمند، وجّه الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، تحذيراً يجب أخذه "على محمل الجِد"، وتتلخص بأن على "حكام أفغانستان السماح للخبراء الإيرانيين بزيارة السد والتحقق من الوضع"، للتأكد من حالة الجفاف التي تدعيها طالبان، وحينها "لن يكون لإيران أي تعليق"، حسب صحيفة انتخاب. وكان وزير خارجية طالبان، أمير خان متقي، قد أعلن، قبل تحذير رئيسي، التزام طالبان باتفاقية عام 1973. مشيراً لوجوب أخذ حالة الجفاف الموجودة في أفغانستان بالاعتبار أيضاً". تحذير رئيسي لم يكن مثار استهجان الحركة الأفغانية فقط، فالمحلل السياسي الإيراني، علي بيكدلي، اعتبره نبرة تصاعدية وموقفاً انفعالياً. مشيراً لضرورة اتباع الطرق الدبلوماسية لحل قضية المياه، منوها لعالميتها ولا تنحصر بدولة دون أخرى. وحسب رئيس لجنة الأمن الأسبق في البرلمان الإيراني، حشمت الله فلاحت بيشه، تعامل مسؤولو طالبان بحكمة ومنطق أكبر، تجاه تحذير الرئيس الإيراني، كما إنهم أصدروا بياناً أوضحوا فيه وجهة نظرهم مطالبين طهران بتبني دبلوماسية سلمية وتجنب التصريحات التصعيدية الموقف. وكان وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، قد صرّح قبل يومين من الاشتباكات، "لن نعترف بحكام أفغانستان الحاليين ونصر على الحاجة إلى تشكيل حكومة شاملة في أفغانستان". معتبراً أن "طالبان جزء من واقع أفغانستان ولكن ليس كل أفغانستان". ولأول مرة بعد وصول طالبان إلى السلطة في آب/أغسطس 2021. زار وفد عسكري، برئاسة العميد بهرام حسيني مطلق، نائب رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية، خلال الأيام الماضية، كابول، للتباحث في التوترات الحدودية المتفرقة بين حرس حدود البلدين، حسب صحيفة شرق الإيرانية. ووفقاً لبيان وزارة دفاع طالبان، "أكد الجانبان على قضايا الحدود وتعزيز التعاون المشترك وحل مشاكلهما من خلال الجهات المعنية". حاولت طهران احتواء السلطة الجديدة في جارتها الشرقية قدر الإمكان، حتى إنها لم تدعم المقاومة الأفغانية في بنجشير الذي تجمعهما لغة وتاريخ وتراث مشترك. لكن يبدو أن الوضع خرج عن السيطرة، وطالبان لم تستوعب ما قدمته طهران لها. وعليه، من الممكن أن تشهد العلاقات بينهما تصعيداً جديداً، حسب الصحفية والباحثة في الشأن الإيراني، غزل أريحي. مضيفةً، للمياه دور كبير في العلاقات الإيرانية الخارجية مع دول الجوار مثل أفغانستان وتركيا، حيث تعاني إيران من أزمة فعلية في مسألة المياه، ما يرجح تخييم قضية المياه في رسم حدود علاقات إيران مع دول الجوار مستقبلاً.

علاقات متأرجحة

وتتصف العلاقات الإيرانية مع حركة طالبان الأفغانية بالتأرجح، إذا كانت طهران من بين الخصوم الرئيسيين للحركة خلال فترة حكمها الأول. وفي عام 1998، كادت أن تندلع مواجهات عسكرية بينهما، على إثر مقتل 9 دبلوماسيين، نتيجة هجوم مسلح من مقاتلي الحركة على القنصلية الإيرانية في مدينة مزار شريف. وقد تعاونت طهران مع واشنطن في إسقاطها لطالبان عام 2001، مع تعاونهما في الوصول لاتفاق "بون" عام 2001، الناظم لعملية تقاسم السلطة في أفغانستان بعد طالبان. لم يدم التوافق الأمريكي الإيراني طويلاً، إذ شمل الإعلان الأمريكي عن "محور الشر" إيران. وعليه، تحولت طهران إلى بناء علاقة تعاون براغماتي مع طالبان ودعم إيراني للحركة، ضمن جهودهما لمقاومة الوجود الأمريكي في أفغانستان. وخلال رئاسة الملا منصور أختر لطالبان، قام بثمان زيارات إلى إيران، التقى خلالها عدد من المسؤولين الإيرانيين، ومنهم قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، والذي قضى بضربة أمريكية مطلع عام2020. وبعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان بمقتضى اتفاق الدوحة 2020، أبقت طهران خطوط تواصلها مع الحركة كما قامت بتسليمها السفارة الأفغانية في طهران. وخلال تلك الفترة، واستقبلت طهران عدد من مسؤولي الحركة ومسؤولي الحكومة الأفغانية السابقة، ضمن مساعي طهران لفرض اتفاق أفغاني يؤسس لحكومة "شاملة". إلا أن التودد الإيراني للحركة، لاقى استهجان العديد من النخب السياسية والفكرية الإيرانية، ومنهم الرئيس الأسبق، محمود أحمدي نجاد. وتلتقي آراء هذا التيار بالمجمل، أن الحركة "الجهادية السنية" لن تغير جلدها. وبالعودة إلى الباحثة الإيرانية، تنوه أريحي في حديثها لموقع أورينت، إلى أن السبب وراء تخلي طهران عن دعم مقاومة بنجشير، هو الاشتراك الأيديولوجي الديني بين طالبان وولاية الفقيه تحديدا، فالسلطات الإيرانية ركزت على المنهج الديني الذي تتخذه طالبان فضلاً عن العدو المشترك، أي الولايات المتحدة الأميركية. وعلى الرغم من الرفض الشعبي الإيراني لهذه السياسة المتخذة تجاه طالبان، استمرت السلطات بالتركيز على نقطتي "الحكم الديني" و"العدو المشترك يوحدنا" واللتان تجمعان طالبان وولاية الفقيه. لكن يبدو أن ثمة قضايا واقعية مثل اشتباكات الحدود وأزمة المياه تعرقل هذا التعايش بحسب أريحي التي تستبعد في الوقت ذاته، أن يؤدي توتر العلاقة بين طالبان وطهران إلى التفات طهران إلى دعم مقاومة بنجشير، لأنها لا تريد أزمات على حدودها.

من وجع التاريخ إلى دموية الأيدولوجيا المذهبية

بدورها، دعت صحيفة "خراسان" الأصولية إلى دعم مسلح للجماعات الأفغانية المعارضة لحركة طالبان بقيادة شخصيات مثل محمد إسماعيل خان، وأحمد مسعود، "لردع طالبان وإجبارهم على السير في الاتجاه العقلاني". ووفقا لموقع إيران الدولية، على لسان الملحق الثقافي السابق في السفارة الإيرانية في كابول عبد الحميد طاهري فإن "إيران لم تتعامل بشكل منسجم ولم تظهر جدية كافية في التعامل مع طالبان". فيما يشير الصحفي لدى الموقع، رمضان الساعدي، في تغريدة له على توتير، إلى أن الاشتباكات الحدودية تهدف لتحريك المشاعر الوطنية لصالح النظام الإيراني، وتمهيدا للقضاء على زعيم أهل السنة في إيران، مولوي عبد الحميد إسماعيل زهي. وتتعدد أوجه الخلافات بين إيران وطالبان، من قضية الأمن وضبط الحدود إلى اللاجئين إلى قضية المياه، والتي فجرت التصعيد الأخير. وكانت الدولتان قد وقعتا في عام 1973 معاهدة تقضي بتزويد أفغانستان لإيران بكمية 820 مليون متر مكعب سنويا، من مياه نهر هلمند الذي ينبع من جبال هندوكوش ويقطع قرابة 1300 كلم ليصب في بحيرة هامون في إيران. لكن بحسب مسؤولين إيرانيين، لم تحصل إيران سوى على ٤ مليون متر مكعب من المياه فقط. لكن مسألة المياه قد لا تكون جوهرية في علاقة البلدين، فالنظامان الحاكمان في كل من طهران وكابل، يشتركان في بنيوية متشابه أيدولوجياً ومتعارضة مذهبياً حيث يقدم كل طرف نفسه على أنه الحامي للمذهب، "السني الشيعي"، في مواجهة الطرف الآخر، وسرديته التاريخية عن الصوابية والمظلومية، ما يجعل الخلاف بينهما أعمق من قضايا المياه والأمن وسواهما، وهو خلاف ذو محصلة صفرية، لا يقبل بها أي طرف للآخر، لاسيما بالنظر إلى حالة الشحن المذهبي الممارس من قبل الطرفين، وإن كانت جهود إيران واضحة في هذا المجال، فتاريخ طالبان حافل أيضا، ومنه حديث حاكم هرات، الملا عبد المنان نيازي عام 1992، عن نية طالبان تنفيذ تطهير عرقي ضد الهزارة، معتبراً أن الهزارة ليسوا مسلمين؛ مما يسقط الإثم عن قاتلهم، وعليهم "إما أن يتحولوا إلى السنة أو يغادروا أفغانستان إذا أرادوا تجنب الموت". ومن خلال هذه الصورة يمكن توقع تكرار حالات التصعيد والاشتباك بين الجانبين، لا سيما في حال دخول طرف ثالث على خط الحركة (الولايات المتحدة الأمريكية-إسرائيل-باكستان-تركيا)، ممن يرغبون بزيادة إضعاف إيران، من خلال إشغالها بقضايا داخلية ساخنة. ويضيف التاريخ أثراً سلبياً لعلاقة الجارتين، حيث شهد القرن التاسع عشر تحول أفغانستان إلى دولة مستقلة عن إيران، ضمن ما اصطلح على تسميته بـ "اللعبة الكبرى"، الناتجة عن تنافس كلا من روسيا وبريطانيا على النفوذ في وسط وجنوب آسيا، ما جعل من أفغانستان حائطاً أمام تقدم الجيوش الروسية باتجاه مستعمرات بريطانيا الهندية. ونتيجة لذلك أحجمت بريطانيا عن دعم محاولتي الشاه محمد القاجاري لاستعادة ولاية هرات إلى حكمه، ما أدى لفشل المحاولتين. ولا يزال التصور السياسي لصناع القرار الإيراني، يؤكد على أهمية أفغانستان في المنظور الجيوسياسي الإيراني، والذي يصنف محيط إيران كامتداد طبيعي لها، ضمن ما يسمى ب "قلمرو ايران بزرگ"(حدود إيران الكبرى) أو ما يمكن تسميته بـ "الصفوية الجديدة". وخلال حديثه لموقع أورينت، يؤكد الناشط الإعلامي المستقل، أبو محمد البلوشي، على إمكانية تعايش الطرفين رغم الخلاف المذهبي بينهما، في حال التزام كل طرف بعدم تهديد وجود واستمرارية السلطة السياسية للطرف الآخر. وبرأيه، الطرفان يستخدمان الأيدولوجيا المذهبية لحماية وضمان تحكمهم بالسلطة، مستخدمين شعارات جوفاء لا تغني ولا تسمن من جوع، في وسيلة لتسكين شعوبهم المغلوبة من جهة، ولشحنها من جهة أخرى.

خلافات أعمق من نهر هلمند

لغة "حقيرة" تستخدمها طالبان تجاه إيران وتحتوي الكثير من الكراهية، حسب تعبير أستاذ الجغرافية السياسية والسفير الإيراني السابق في النرويج والمجر، عبد الرضا فرجي راد، في صحيفة فيرارو الإيرانية. إذ أنهم كثيرا ما يكررون عبارة "rafzi-rafzi"(رافضي-رافضي). وعليه، يتوجب الحذر واليقظة تجاه العملية السياسية الحالية لطالبان، وعدم الاستسلام لها. مشيرا لضرورة عدم استبعاد الخيار العسكري عن طاولة طهران وعدم التغاضي عن دعم المقاومة الشمالية. مذكراً، بوجود حوالي 100 ألف جندي سابق من قوات الحكومة الأفغانية السابقة في إيران، يمكن استخدامهم لإشغال طالبان داخليا، ما يعزز أوراق القوة لدى إيران. وبحسب الصحفي التركي أحمد الحسين، فإن التصعيد الأخير من طالبان تجاه طهران، محاولة، لنقل الصراع الطائفي الذي اشعلته إيران من ساحة العالم العربي إلى ساحة العالم الإسلامي، وبذلك تكون إيران قد وقعت في شر أعمالها، بعد أن استثمرت خلال السنوات الماضية بقوة في الصراع المذهبي في دول جوارها العربي حتى أصبحت الطائفية والمذهبية وجبة يومية للمواطن العربي، وعليه، تحولت إيران إلى موقع الدفاع بعد قيام حركة طالبان بتنفيذ عمليات داخل الأراضي الإيرانية، منوها خلال حديثه لموقع أورينت، إلى أن اتفاق الدوحة بين طالبان وواشنطن، نزع عن الحركة صفة الإرهاب والبسها حلة جديدة، ومن توابع هذا الاتفاق عدم اعتبار إسرائيل عدو من قبل طالبان ولذلك لا ينبغي إشاحة النظر عن إمكانية دعم وتمويل تل أبيب لهذا التصعيد، والذي تستفيد منه الأخيرة في ظل حروب الظل والوكالة القائمة بينها وبين طهران. ويأتي التصعيد الإيراني مع طالبان، وفق الحسين، بعد مقتل ثمانية عناصر من حرس الحرود الإيراني على يد القوات الحدودية الباكستانية ما يوحي لمحاولة تصعيد باكستانية مع طهران، والتي كانت تربطها علاقات جيدة مع حكومة عمران خان الذي أبعد عن الحكم في باكستان نتيجة تقاربه مع روسيا، مشيراً للعلاقات المتوترة بين إيران وجميع الدول المجاورة لها، من أفغانستان إلى باكستان وصولاً إلى تركيا مورداً تصريح وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، في الأمس، حول استضافة إيران لمقاتلين من حزب العمال الكردستاني، pkk، في معسكرات مدينة ماكو الإيرانية، والتي تبعد عن الحدود التركيا الإيرانية 40 كم ما يثير التساؤل، فيما إذا كانت ترغب إيران بحمايتهم من القصف التركي أم ترغب بجعلهم أوراقاً تفاوضية بيدها في أي تسوية مع تركيا حول الملفات الإقليمية لاحقاً. استفادت طالبان من أخطاء تجربة الحكم الأول، من خلال تفعيل الوعي السياسي للحركة وبنائها للتحالفات البراغماتية بعيدا عن الأيدولوجيا. ويمكن ملاحظة الأول في إدارة الضغوط السياسية على واشنطن خلال مفاوضات الدوحة. وفيما يؤكد تعاون طالبان مع "العدو السابق" (طهران) خلال مرحلة ما قبل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان على الثاني. وعليه، يمكن الحديث عن إمكانية ذهاب طالبان بعيداً في مساعيها للحصول على اعتراف الدولي، من بوابة التصعيد مع إيران التي تعاني أزمة عميقة مع العالم الغربي، نتيجة دعمها للمجهود العسكري الروسي في حربه العدوانية على أوكرانيا وتلاشي آفاق التوصل لاتفاق يضبط برنامجها النووي.

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك..

 الأحد 24 آذار 2024 - 2:34 ص

"عرضة لأنشطة إيران وداعش".. تحليل: أمن واستقرار الأردن على المحك.. الحرة – واشنطن.. منذ السابع من… تتمة »

عدد الزيارات: 151,150,189

عدد الزوار: 6,757,251

المتواجدون الآن: 131