إيران وإسرائيل..ليلة تصفية الحسابات..
إيران وإسرائيل..ليلة تصفية الحسابات..
هجوم واسع بالطائرات المسيّرة والصواريخ ومشاركة الفصائل رداً على قصف القنصلية في دمشق
لندن - تل أبيب: «الشرق الأوسط»... شنّت إيران ليلة السبت - الأحد، هجوماً واسعاً بالصواريخ والطائرات المسيّرة على إسرائيل، في خطوة انتقامية رداً على غارة جوية استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق وأسفرت عن مقتل قادة عسكريين. ومثّل الهجوم الليلي الإيراني، المتوقع منذ أيام، بداية لما يمكن وصفه بـ«تصفيات حسابات» بين البلدين اللدودين، إذ قال قائد الجيش الإيراني عبد الرحيم موسوي، إن بلاده ستبدأ المرحلة الثانية من الهجمات إذا ردّت إسرائيل على الهجوم. وقال «الحرس الثوري» الإيراني، في بيان، إنه «رداً على جرائم الكيان الصهيوني العديدة»، بما في ذلك الهجوم على القنصلية بدمشق، ومقتل عدد من القادة العسكريين الإيرانيين في سوريا، «استهدفت القوة الجوية التابعة لـ(الحرس الثوري) أهدافاً معينة داخل الأراضي المحتلة بعشرات الصواريخ والطائرات المسيّرة». وتزامن ذلك مع قول مسؤول أميركي إن بين ما بين 400 إلى 500 طائرة مسيّرة وصاروخ سيتم إطلاقها على إسرائيل من العراق وسوريا وجنوب لبنان والحوثيين، ولكن الجزء الأكبر سيتم إطلاقه من إيران. وبالفعل سُجلت هجمات ليلية بالصواريخ من جنوب لبنان، كما أعلن الحوثيون وجماعات عراقية عن هجمات مماثلة. وأشار البيت الأبيض إلى أن الولايات المتحدة ستقف مع شعب إسرائيل وستدعم دفاعه في وجه التهديدات الإيرانية. وأظهرت مقاطع فيديو نشرها شهود عيان عبور المسيرات من مناطق كثيرة في غرب إيران، قبل وصولها إلى الأراضي العراقية. وأشار تلفزيون «برس تي في» الإيراني إلى أن الحرس الثوري أطلق مسيّرات على أهداف إسرائيلية. وجاء ذلك بعد قليل من تأكيد الجيش الإسرائيلي إطلاق إيران طائرات مسيّرة من أراضيها صوب إسرائيل، وقال في بيان: «نحن في حالة تأهب قصوى ونراقب الوضع باستمرار. منظومة الدفاع الجوي والطائرات المقاتلة وسفن البحرية في حالة تأهب قصوى». وأضاف البيان: «الجيش الإسرائيلي يراقب جميع الأهداف... نطلب من المواطنين الالتزام بتعليمات الجبهة الداخلية». وقال الجيش الإسرائيلي إن الهجوم الإيراني على إسرائيل «تصعيد خطير». وذكرت «القناة 12» الإسرائيلية أن إيران أطلقت ما مجموعه نحو 100 طائرة مسيّرة وصواريخ «كروز» على أهداف إسرائيلية السبت، وأوضحت أن بعضها أسقط فوق سوريا أو الأردن. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هاغاري، إن الجيش يستعد لاعتراض الطائرات المسيّرة الإيرانية وستكون هناك اضطرابات في نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس)، مشيراً إلى أن القوات الجوية الإسرائيلية ترصد الطائرات المسيّرة وتدرك أنها ستستغرق ساعات للوصول. من جهتها، ذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن وصول الطائرات المسيّرة من إيران إلى إسرائيل سيستغرق ما بين 7 و9 ساعات. وأعلن الأردن غلق مجاله الجوي، بينما نقلت «رويترز» عن مصدرين أمنيين في المنطقة، أن الدفاع الجوي الأردني مستعد لاعتراض وإسقاط أي مسيرات أو طائرات إيرانية تنتهك مجاله الجوي.
سكان طهران متخوفون من احتمال اندلاع حرب مع إسرائيل..
طهران: «الشرق الأوسط».. استأنف سكان طهران، السبت، نشاطهم المعتاد بعد توقف 3 أيام، لكن في مناخ يشوبه قلق كبير في ضوء تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل. وتقول مريم (43 عاماً): «لا أعرف من هو المخطئ، ولكن من الأفضل التوصل إلى توافق لتجنب اندلاع حرب وموت أبرياء». مثل معظم الإيرانيين، تتابع هذه الموظفة في القطاع الخاص الأخبار المتعلقة باختبار القوة بين إيران وإسرائيل منذ الهجوم المميت الذي استهدف في الأول من أبريل (نيسان) القنصلية الإيرانية في دمشق، واتُهمت إسرائيل بتنفيذه. ومنذ ذلك الحين، ينتظر الجميع «العقاب» الذي لوحت به طهران التي تعهدت الرد على مقتل 7 عناصر من «الحرس الثوري»، بينهم اثنان من كبار الضباط. ومن جانبها، حذرت إسرائيل من أن إيران «ستتحمل عواقب التصعيد»، في حين دعت كثير من الدول، بينها الولايات المتحدة، طهران إلى «ضبط النفس». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن صحيفة «شرق» الإصلاحية: «كلما تأخر رد طهران، كانت له عواقب سلبية على اقتصاد البلاد، وتفاقم المخاوف في المجتمع». وتؤثر هذه المخاوف على مناخ العودة إلى المدارس بعد عطلتي رأس السنة الإيرانية التي يُحتفل بها في 21 مارس (آذار) وعيد الفطر. وفي وسط طهران، أعرب صالحي (75 عاماً)، وهو موظف متقاعد، عن أمله في أن تسود الحكمة، وقال: «إن شاء الله، ستُغَلب حكومتنا العقل على العاطفة. وإذا حدث ذلك، فلن يكون هناك نزاع».
«تصميم»
لكن بعض سكان العاصمة المترامية يتوقع أن يكون رد السلطات أشد مقارنة باغتيالات سابقة طالت ضباطاً من «الحرس الثوري»، ونُسبت إلى إسرائيل. يقول يوسف (37 عاماً) الموظف في القطاع الخاص: «يتعين علينا هذه المرة أن نرد بمزيد من الجدية والتصميم»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. ويرى إحسان (43 عاماً)، وهو أستاذ جامعي، أن الرد «منطقي»؛ لأن الإسرائيليين «هاجموا مقراً دبلوماسياً إيرانياً» في دمشق. وأضاف أن «الحرب دائماً سيئة وتثير القلق، لكنها في بعض الأحيان ضرورية لتحقيق السلام». وأشار المحلل السياسي أحمد زيد آبادي إلى «أن السلطات يبدو أنها لم تتخذ قراراً نهائياً بعد، إذ من المحتمل أن تكون له عواقب وخيمة». ويتعين عليها بشكل خاص أن تأخذ في الحسبان تأثيره في الرأي العام الذي يبدو أنه يكترث للصعوبات الاقتصادية أكثر من الحرب في غزة. وأوضح المحلل لوكالة الصحافة الفرنسية أن «احتمال الحرب يثير قلق أصحاب الشركات بشكل خاص، لا سيما أولئك الذين يعتمدون على سعر العملات الأجنبية، ويخشى البعض أن يتسبب في نقص السلع الغذائية».
«معضلة»
ودليلاً على هذه المخاوف، تراجع الريال، العملة المحلية، إلى أدنى مستوى ليبلغ سعر الصرف في السوق الموازية 650 ألفاً مقابل الدولار. كما تواجه الحكومة «معضلة» على المستوى الاستراتيجي، وفق علي بيغديلي، الأكاديمي المتخصص في الشؤون الدولية. وأوضح في صحيفة «هام ميهن» أن «إيران قد تكون على وشك (خوض) حرب غير مرغوب فيها»؛ لأن «مهاجمة إسرائيل من الأراضي الإيرانية تصب في مصلحة إسرائيل، وستعود بالفائدة على (رئيس الوزراء بنيامين) نتنياهو. سيكون قادراً على إنهاء الحرب في غزة في ظل الحرب مع إيران». ويرى نائب وزير الخارجية السابق حسين جابري أنصاري أن طهران «يجب أن تنتقي الخيار الأقل تكلفة والأكثر فائدة في آنٍ واحد للرد على إسرائيل». وأوضح أن «الهدف الأكثر صوابية لضربة إيرانية هو المنشآت الأمنية والعسكرية الإسرائيلية في الأراضي المحتلة منذ 1967، خصوصاً في مرتفعات الجولان».