مسلمو الدوائر المسيحيّة شمالاً: استعادة دور وانقسامات

تاريخ الإضافة الخميس 13 تشرين الثاني 2008 - 9:17 ص    عدد الزيارات 1277    التعليقات 0

        

طرابلس ـ عبد الكافي الصمد
لم تتوانَ أغلبية المراجع السّياسية الشّمالية عن الاشارة إلى أن «الانتخابات المقبلة أكبر من انتخابات بلدية، وأصغر من انتخابات نيابية».
فبعد أربع دورات انتخابية شهدها الشمال عقب إقرار الطائف وانتهاء الحرب الأهلية بداية التسعينات، اثنتان كان فيهما دائرة واحدة، ومثلهما قُسّم فيهما دائرتين انتخابيتين.
يعود ليشهد السنة المقبلة معركة انتخابيّة مفصليّة ستدور رحاها في سبع دوائر، وفق قانون القضاء الذي اعتمد لأربع دورات متتالية (1960ـــ 1964 ـــ 1968 ـــ 1972)، الأمر الذي سيدفع سياسيين خبروا تلك التجربة إلى خوض غمارها مجدداً، واسترجاع خبراتهم وقدراتهم في هذا المجال، فيما سيجد السياسيون الجدد أنفسهم أمام تجربة جديدة لا يعرفون أبعادها وتفاصيلها معرفة وافية. ولا يفقهون كيفيّة التصرّف في هذه الحالة.
وإذا كانت كل دائرة انتخابيّة شماليّة ستعود إلى تلمّس خصوصياتها السياسية والعائلية والمناطقية، وإبرازها بوضوح بعد غياب استمر نحو 37 سنة، فإن أهم هذه الخصوصيات هي دور الأقليات الناخبة في دوائر لا تمثيل نيابياً لها فيها، وفي كيفيّة تعاطي الأكثرية معها، بعد عقود أربعة وأحداث تغيّر فيها الكثير من المعطيات والدوافع والوجوه وأساليب العمل.
ففي ثلاث دوائر مسيحيّة شماليّة هي زغرتا والكورة والبترون (بشري خارج الموضوع لأن قرابة 97 في المئة من ناخبيها موارنة)، يستعاد اليوم الحديث عن مدى «الدور الذي يمكن أن يؤديه الناخبون المسلمون في تحديد نتائجها، نظراً لتقارب الأصوات التي ينالها المرشحون المتنافسون في هذه الدوائر، والانقسامات المترافقة مع أجواء تنافسية حامية سيكون فيها لأي صوت أهميته القصوى»، وفق تأكيد مراقبين مطّلعين على دقاق الأمور.
ومع أن القوى الرئيسية الفاعلة في الوسط المسيحي (تيار المردة، التيار الوطني الحر، القوات اللبنانية وحزب الكتائب) تتقاسم النفوذ في الدوائر المذكورة، فإن الوسط الإسلامي في هذه الدوائر يتوزع في المقابل على أكثر من طرف، ما يجعل قرار ناخبيه واقعاً تحت تأثير أكثر من جهة (تيار المستقبل والرئيسين عمر كرامي ونجيب ميقاتي، والوزير محمد الصفدي والجماعات الإسلامية لدى الناخبين السنّة، وحزب الله وحركة أمل عند الناخبين الشيعة)، إضافة إلى تأثير فعلي لا يقل أهمية للحزبين القومي والشيوعي في الوسطين معاً.
وإذا كان الناخبون المسلمون في زغرتا، وفق لوائح شطب العام 2005، هم الأكثر عدداً (6722 ناخباً معظمهم سنّة)، مقارنة بسائر الناخبين المسلمين في الكورة (4916 ناخباً) والبترون (2418 ناخباً)، فقد توزعوا حينها التصويت مناصفة بين قطبي زغرتا؛ فنال سليمان فرنجية في بلدة مرياطة (كبرى البلدات السنّية في القضاء) 469 صوتاً، ونايلة معوض 437 صوتاً، ما يجعل «الفرق الكبير الذي سجل في زغرتا وقتها بين اللائحتين (قرابة 6 آلاف صوت تقريباً لمصلحة الوزير السابق سليمان فرنجية) لا تملك الأقلية السنّية القدرة على التأثير فيه، أو تغيير مساره، على حد قول أوساط معارضة.
أما في الكورة فإن الأمر يأخذ أبعاداً أخرى، لأن النتائج المتقاربة بين الفائزين والخاسرين عام 2005، وهي بمئات الأصوات، تدل بحسب مصدر كوراني، على أن «توجهات الناخبين المسلمين فيها ستسهم برسم معالم نتائج الانتخابات في واحدة من أكثر الدوائر الانتخابية قسوة في الشمال»، عدا أن ناخبيها المسلمين يتوزعون بين سنّة (3361 ناخباً)، وشيعة (544 ناخباً)، ومختلف مسلم ـ سنّي وشيعي وعلوي ـ (1111 ناخباً)، وهو ما «يجعل مروحة التأثير عليهم أكثر تشعباً».
ومع أن الناخبين المسلمين في البترون هم الأقل عدداً بين الدوائر الثلاث (1868 ناخباً سنياً، و550 ناخباً شيعياً)، فإن ضراوة المعركة الانتخابية فيها، وتقارب نتائج الفائزين والخاسرين في الانتخابات الماضية، ستجعل من أصواتهم، بحسب معنيين بالشأن الانتخابي، «محل تجاذب من أكثر من جهة، وصولاً إلى حدود الإغراء والابتزاز، وهو الأمر الذي ستبرز معالمه بقوة في المراحل المقبلة، وخصوصاً كلما ظهر الشكل النهائي للتحالفات».
لكن هذا الوضع للأقليات الإسلامية داخل الدوائر المذكورة لم يمنع بروز طموحات سياسية لشخصيات فيها للترشح عن مقاعد انتخابية أخرى، مثلما فعل كميل مراد ابن بلدة راسنحاش البترونية الذي ترشح سابقاً أكثر من مرة عن أحد المقاعد السنّية في طرابلس من غير أن يحالفه الحظ، وهو أمر لا ينتظر أن يكرّره هو أو غيره بعد التقسيمات الانتخابية الجديدة، مما أفرز في نهاية المطاف ظاهرة لافتة، تمثلت في نقل عائلات وأفراد مسلمين نفوسهم خارج هذه الدوائر، وهو ما تبدى في تراجع عدد الناخبين السنّة في الكورة من 3968 ناخباً عام 2000 إلى 3361 ناخباً في انتخابات العام 2005، وهو رقم مرشّح للتراجع في الجولة الانتخابيّة المقبلة، وخصوصاً مع قانون انتخابي يُشجّع على الفرز المذهبي.

 

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East..

 السبت 11 أيار 2024 - 6:24 ص

..How Iran Seeks to Exploit the Gaza War in Syria’s Volatile East.. Armed groups aligned with Teh… تتمة »

عدد الزيارات: 156,584,089

عدد الزوار: 7,034,239

المتواجدون الآن: 63