فريق نصرالله السياسي والاعلامي يتحمل مسؤولية سلبيات خطابه الاخير..
فريق نصرالله السياسي والاعلامي يتحمل مسؤولية سلبيات خطابه الاخير..
بقلم مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات.. حسان القطب..
حملة اعلامية واسعة سبقت خطاب نصرالله بالامس، وتم تصوير ان العالم بأسره يقف واجماً وصامتاً وقلقاً ينتظر بشغف مضمون كلمة نصرالله التي طال غيابها وانتظارها.. وبالتالي من المفترض ان تتضمن نقاط ومواقف وربما قرارات حساسة ومهمة للغاية..
ما جرى هو العكس تماماً فقد جاءت الكلمة التي القاها نصرالله متواضعة، وغير متماسكة، ولم تتضمن اي موقف قد تهتز له المنطقة، او قرار يتناسب مع حجم التضخيم الاعلامي الذي سبق الاعلان عن الخطاب..
من المعلوم ان خطابات نصرالله يتم تحضيرها من قبل فريق اعلامي وسياسي، بحيث تأتي كلمته متناسقة بالشكل والمضمون، وتتوافق مع استراتيجية حزب الله السياسية والعسكرية، وتستثير جمهور حزب الله ايجاباً وتغيظ خصومه وتقلق اعداؤه...ويتم استثمارها سياسياً واعلامياً من فريق اعلامي وسياسي يبرز على الشاشات التي تعمل وفق توجهات حزب الله ومحور ايران وتستفيض تحليلا وشرحا وتحذيرا وتعظيماً واستنتاجاً بمضمون الكلمة ودلالاتها وابعادها الاستراتيجية.. وقوة هذا المحور وجبروته..
ما الذي حدث خلال الخطاب الاخير حتى تبدل المشهد.. واصبح دور هذا الفريق هو ممارسة التبرير وليس التحذير والتهويل...
اعلامياً..
هناك من ارتكب خطأ بالغ، في المرحلة التي سبقت الخطاب ومن ثم في تحديد تاريخ الخطاب، حيث تم تحديده في 3/11/2023.. ولكن تم الاعلان عنه يوم الاثنين في 30/10/2023.. خلال هذه الايام الخمسة، التي سبقت خطاب نصرالله .. انطلقت حملة اعلامية، تشويقية، وتحريضية، واستعلائية، بان كلام نصرالله سيكون كلاماً هاماً ويشكل حداً فاصلاً يغير من واقع الحرب التي تجري في المنطقة..
تأخير الخطاب، والحملة الاعلامية التي اشرنا اليها.. استندت، الى قراءة من فريق حزب الله الاعلامي- السياسي، الى ان اسرائيل لن تستطيع الاستمرار في الحرب على غزة، لمدة اطول، والمفاوضات التي تجري في قطر، بين عدد من المسؤولين الاقليميين والدوليين ومن بينهم وزير خارجية ايران، لا بد ان يفضي الى اتفاق على هدنة حتى لو كانت انسانية.. وبالتالي يأتي خطاب نصرالله تتويجاً لنتيجة هذه المفاوضات.. ليعلن مواقف تتناسب مع اعلان الهدنة ودور حزب الله ومحور طهران في فرضها على اسرائيل.. بعبارة اخرى كان من المفترض ان يكون خطاب نصرالله، اعلان نصر بعد غياب طال مدة شهر.. ولكن لم تجري الرياح بما يشتهيه هذا الفريق..
الفيديوهات التلفزيونية التي تم نشرها، وسبقت الخطاب المنتظر..وبدا فيها نصرالله صامتاً، ولكن يقوم بخطوات غير مفهومة، لم تتناغم في زخمها مع مضمون كلمته ومواقفه التي تحدث عنها..
سياسياً..
غياب نصرالله الطويل عن اتخاذ موقف سياسي او عسكري بخصوص الحرب على غزة.. دفع بعض مساعديه وقياداته واعلامييه ومن يتعاون معهم.. على تقديم تبريرات وترسيخ تصورات مضخمة وغير واقعية.. وتصدير شعارات تجعل من نصرالله وحزبه ومحوره موضع تساؤل ومساءلة من محبيه ومؤيديه واستهجان واستنكار من معارضيه..
حيث برز نائب حزب الله حسن فضل في مؤتمر صحافي ليقول ان نصرالله، ليس غائباً او صامتاً.. كما وأكد أن "الأمين العام للحزب حسن نصر الله يتابع مجريات هذه المواجهة هنا في لبنان وما يحدث في غزة ساعة بساعة ولحظة فلحظة، وهو يشرف على إدارة هذه المعركة في تواصله المباشر مع القيادات الميدانية للمقاومة، ويشرف على كل المجريات الميدانية والسياسية"... ولكن نصرالله في كلمته اعتبر ان المعركة في غزة قرارها فلسطيني بالكامل وان حلفاء ايران بما فيهم حزب الله لم يعلم ولا يعلم عنها شيء..؟؟؟؟؟
جريدة الاخبار .. قالت صمت نصرالله أربك تقديرات العدو...
تم الطلب من بعض قادة الفصائل الفلسطينية ان تقول ان حزب الله ومحور ايران كان على علم وشريك في معركة غزة.. وهذا ما اكده (عبد الهادي) في مقابلة تلفزيونية.. وهذا ما سبق ان نفاه مرشد الجمهورية الايرانية.. وبالامس نفاه نصرالله في خطابه..؟؟ من يتحمل مسؤولية هذا التناقض في المواقف..
احدهم كتب مقالاً موسعاً عن تناغم مواقف حزب الله وحماس، بطلب من الغرفة الاعلامية، ولكن عقب خطاب نصرالله، واعلان مواقف لا تتناغم مع مستوى الحدث والجريمة التي تحدث في غزة وفلسطين..غاب قادة الفصائل الفلسطينية (حماس والجهاد) عن السمع، وحتى انهم لم يصدروا تعقيباً او تعليقاً على مضمون الخطاب..؟؟
من الذي يتحمل مسؤولية هذا التناقض والتخبط...
لم يطلب اي فريق او جهة من حزب الله ان يعلن الحرب او يفتح جبهة الجنوب... ولكن مواقف نصرالله السابقة والتي رسمها له الفريق الاعلامي – السياسي، جعلته اسير مواقفه، وذلك حين اعلن بل اطلق شعار وحدة الساحات، مراراً وتكراراً.. ومحذرا من الاستفراد بجبهة محددة، لان باقي الجبهات سوف تفتح على مصراعيها.. لان محور ايران متماسك من طهران الى غزة.. مروراً باليمن والعراق وسوريا...ولبنان طبعاً..
ولكن بالامس ومن سياق كلمة نصرالله لم نلمس هذا التماسك ولا هذه الوحدة..
- بالاعلان عن ان قرار المواجهة كان فلسطينياً حصراً
- بالتأكيد على ان المناوشات مع الجيش الاسرائيلي في جنوب لبنان هي لتخفيف الضغط عن غزة..
- بتقديم التحية للفصائل العراقية واليمنية (الحوثي) على دعم غزة بقصف المعسكرات الاميركية في دول المنطقة واسرائيل ايضاً
- تبين من سياق الكلمة ان محور طهران يستند الى الفصائل العراقية واليمنية فقط، فقد غاب الدور السوري كما تم ابعاد الفلسطيني الذي انفرد بقرار الحرب في السابع من تشرين الاول /اوكتوبر..
- رفع نصرالله سقف مواجهته مع الولايات المتحدة مباشرةً وكان معركة غزة تفصيل بسيط في معركة المواجهة ولا تستدعي تدخلاً سريعاً من قبل ادوات المحور ولا راس المحور طهران...
بالتأكيد سوف يجري حزب الله جردة سريعة لكافة المواقف السياسية والحملات الاعلامية التي سبقت كلمة نصرالله الاخيرة لاعادة تصويب مواقفه بحيث تكون اكثر تواضعاً، كما ان عليه مراجعة حجم وطبيعة علاقاته مع القوى والفصائل الفلسطينية في لبنان وغزة الضفة، حتى لا يتوقع قادة هذه الفصائل دعماً لا يستطيع حزب الله ومحوره تقديمه لهم ..
لقد عودنا حزب الله ومن باب تغيير المشهد، للخروج من اي ازمة سياسية او امنية وحتى اعلامية يقع فيها باتخاذ خطوة اكثر جرأة وربما اكثر خطورة، حتى ننظر للحدث الجديد وننسى ما جرى سابقاً .. فهل نحن امام تغيير جديد..
خاصةً وان صورة وشخصية امينه العام التي عمل على صناعتها طوال ثلاثة عقود.. قد تهشمت..