صمود غزة..له تداعيات..
صمود غزة..له تداعيات..
بقلم مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات.. حسان القطب..
حرب اسرائيل على فلسطين، وقطاع غزة.. تجاوزت الشهر، ولا زالت محتدمة، ولا اشارات تفيد بأن نهايتها قريبة بحسم عسكري.. وكلما طال امد الحرب، بدا ان التسوية السياسية هي الاقرب للتحقيق، والتداعيات متسارعة على اكثر من محور وهذا ما نلمحه ونلاحظه من خلال المواقف المعلنة التالية:
دولياً:
- الالتفاف الغربي الرسمي، حول العدوان الصهيوني، وتغطيته سياسياً واعلامياً، وحتى عسكرياً بدأ يتراجع..
- الحملة الشعبية المناهضة للعدوان في عواصم دول الغرب بما فيها واشنطن، تتصاعد بقوة، والمظاهرات حاشدة جداً..
- كلفة الحرب على الولايات المتحدة، باهظة جداً منذ اعلانها وانطلاقها في 7 اكتوبر/تشرين الاول.. مع تقديم 14 مليار دولار كمساعدة عاجلة للاقتصاد الاسرائيلي حتى لا يتداعى
- تخصيص آلاف الاطنان من الذخائر من مختلف دول العالم الغربي، لدعم المجهود الحربي الصهيوني، مما يشكل عبء اضافي مع استمرار حرب روسيا على اوكرانيا..
- المهلة الزمنية غير المعلنة التي اعطتها دول الغرب وعلى راسها الولايات المتحدة لاسرائيل لحسم الحرب، واستخدام القوة المفرطة دون تردد او محاسبة ومراجعة.. يبدو انها انتهت..
- الحشد العسكري الغربي وخاصة من الولايات المتحدة في شرق البحر المتوسط، والبحر الاحمر، اضافةً الى الحضور الجوي الاميركي في مختلف القواعد الجوية في المنطقة، يرتب اعباء مالية بالغة الكلفة على الولايات المتحدة..
اسرائيلياً:
- الحرب المفتوحة بالاعتماد على الدعم الاميركي والغربي، واستدعاء الاحتياط يرتب كلفة اقتصادية باهظة لا يستطيع ان يتحملها الاقتصاد الاسرائيلي، مع التقرير الذي يقدر ان كلفة الحرب قد تتجاوز 51 مليار دولار.. فقد (ذكرت صحيفة كالكاليست الاقتصادية الإسرائيلية اليوم الأحد -نقلا عن أرقام أولية لوزارة المالية- أن تكلفة الحرب التي تخوضها إسرائيل أمام حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة ستبلغ ما يصل إلى 200 مليار شيكل (51 مليار دولار)..)
- كشف «البنك المركزي» في إسرائيل، أن تغيُّب العمال عن العمل بسبب الصراع القائم بين إسرائيل و«حماس» كلف الاقتصاد الإسرائيلي 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما قيمته 2.3 مليار شيقل (600 مليون دولار تقريباً) كل أسبوع.
- سقف الاهداف الاسرائيلية، غير واقعي ولا يمكن تحقيقه باعتراف الكثير من المراقبين، واكد ذلك تراجع القيادة السياسية كما العسكرية الاسرائيلية عن كثير من هذه الاهداف، واهمها سحق حركة حماس، احتلال غزة، وغيرها... وتعلق صحيفة معاريف عن ظروف الحرب البرية الدائرة على أطراف غزة إن "القوات المقاتلة (المقاومة) بعيدة جدا عن الانكسار، ورغم التصفيات والاغتيالات، تنجح حماس في معظم الحالات في الحفاظ على طريقة قتال منظمة، تستند أساسا إلى قتال الأنفاق والخروج من المكامن وإطلاق الصواريخ المضادة للدروع بجرأة"....
- صورة اسرائيل في العالم بأسره تغيرت كثيراً، من دولة وشعب مظلوم، ومشرد ومعذب على يد النازية الالمانية، الى شعب ودولة ظالمة، تحتل ارض فلسطين، وتقتل الاطفال والنساء وتقصف المستشفيات، وتدمر المدن والبيوت والبنى التحتية، وتحاصر الشعب الفلسطيني، وتمعن به قتلاً...
- مستقبل نتنياهو السياسي، انتهى، ولذلك يمعن في اجرامه مع قادته العسكريين، لانه سيكون خارج المشهد السياسي مستقبلاً واحالته الى محكمة الجنائية الدولية مع قادة الجيش الاسرائيلي، لن تؤثر على مستقبله السياسي الذي انتهى بالفعل..
- حل الدولتين اصبح امراً ملحاً، ومطلباً دولياً، والمبادرة العربية التي اطلقت عام 2002، اعيد التداول بها كحل ممكن وموضوعي، طالما لا بالامكان الغاء دولة اسرائيل التي تحظى بحماية ورعاية دولية...؟؟
- لم يعد الجيش الصهيوني، مصدر قوة اضافية للعالم الغربي، ولا ضامن للاستقرار، في منطقة الشرق الاوسط، بعد الاداء الفاشل سواء يوم انطلاق الحرب او خلالها والتي مضى عليها اكثر من شهر، والخسائر البالغة التي يتحملها، الى جانب ممارساته الاجرامية التي وضعته في مصاف التنظيمات الارهابية والاجرامية..
- التطبيع والذي انطلق قطاره منذ بعض السنوات، مع دول عربية وخاصة الخليجية، سوف يتوقف، بسبب السياسات التصعيدية التي مارستها اسرائيل، والحرب الهمجية التي شنتها على قطاع غزة والضفة الغربية وفلسطين..
فلسطينياً:
- عادت القضية الفلسطينية الى واجهة الاحداث مجدداً، كقضية حق وعدل، ويجب الوصول الى حلٍ يرضي الشعب الفلسسطيني
- صمود الشعب الفلسطيني في غزة، والضفة الغربية، واراضي عام 1948، اذهل المراقبين، وأكد للعالم باسره ان القضية الفلسطينية لا يمكن تجاهلها، والشعب الفلسطيني يقدم التضحيات البالغة دون تردد، ويواجه الاجرام الصهيوني، والتخلي الدولي عنه، مهما كانت الكلفة باهظة ومرتفعة..
- أكد الشعب الفلسطينية وحركاته المقاومة، انها تستطيع بناء قوتها وقدراتها القتالية، وخوض حروبها لتحقيق طموحات الشعب الفلسطيني رغم الحصار والاتهامات التي تطالها من كل الجهات..
- اثبت الشعب الفلسطيني، ان تضحياته لا حدود لها، وكشف كل من كان يستخدم قضيته ومعاناته وآلامه، للاتجار بقضيته..
- وحدة الساحة الفلسطينية اصبحت ضرورية، وانتاج قيادة جديدة تتمتع بالحيوية والرؤية، والقدرة على التواصل واتخاذ القرارت المصيرية اصبح امراً ضرورياً..
- دور محمود عباس قد انتهى مع مظاهر الضعف والتردد والعجز والتنازلات.. التي بدا فيها طوال المرحلة الماضية..
لبنانياً:
- لبنان يعيش المأساة الفلسطينية، منذ العام 1948، وتبين للجميع ان الفوضى السياسية والامنية في لبنان، قد ادت الى الانهيار المالي والاقتصادي..ولا ضرورة لتكرار مشهد غزة في لبنان...حصار ثم حرب..
- ادرك اللبنانيون، ان اعتبار لبنان ساحة صراع، وان المواجهة مع اسرائيل حتمية، كان مجرد شعار، مع تلكؤ وتردد قوى الممانعة من الدخول بالحرب لمساندة غزة وحسنأ فعلت..
- خطابات التبرير المتكررة، هي لاقناع الذات، والجمهور المؤيد، بان المناوشات الحالية على الحدود اللبنانية مع اسرائيل، كافية لمساندة غزة..
- خطابات نصرالله الاخيرة تميل للتهدئة او الاشارة الى حدود مضبوطة للمناوشات والمواجهات على الحدود مع اسرائيل.. مما يعني ان سلاح حزب الله، له دور مختلف عما يعلن عنه..؟؟؟
- المشهد الامني والسياسي الحالي، يضع سلاح حزب الله، ودوره، على مائدة المناقشة، من حيث جدوى استمراره، مع احجامه عن خوض الحرب، وانجاز الترسيم البحري، والسعي لانهاء الترسيم البري، ومن ثم الموافقة على دخول اللواء عباس ابراهيم كلاعب احتياط في مفاوضات تبادل الاسرى بين حركة حماس واسرائيل، رغم نفي حماس تكليفها او طلبها من اللواء عباس لعب هذا الدور..؟؟... (حماس تنفي تكليف مدير الأمن العام السابق عباس إبراهيم التفاوض باسمها بشأن الأسرى)..
- استقرار لبنان، سياسياً وامنياً، واعادة احياء عمل مؤسسات الادارات الدستورية والحكومية والالتزام بالقرارات الدولية (1701، 1559) اصبح مطلباً ملحاً.. بل وضرورياً..لحماية الشعب اللبناني، وخاصة القرى الجنوبية من اي عدوان صهيوني..!!
- عودة المؤسسة العسكرية وسائر المؤسسات الامنية الى لعب دورها الوطني في حماية الداخل كما الحدود الدولية، ووقف معابر التهريب، والتدخل في شؤون الدول الاخرى.. ولعب دور اقليمي يتجاوز حجم ودور علاقات لبنان العربية والدولية.
ايرانياً:
- دور ايران في المنطقة، بدا في التراجع، مع اعلانها انها غير مسؤولة عن ممارسات وتصرفات الفصائل المحسوبة عليها في دول المنطقة، والمعروفة بقوى المحور..؟؟.. ذكرت الرئاسة الإيرانية أن الرئيس إبراهيم رئيسي أكد لرئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي أن «الحركات المسلحة» مستقلة في قرارها ولا تخضع لأوامر طهران...في حين ان نصرالله في خطابه الاخير اكد ان كل قوى المحور تعتمد على الدعم الايراني المالي والسياسي ..؟؟؟؟
- موقف ايران في مؤتمر القمة الذي عقد في المملكة العربية السعودية، لم يخرج عن مقررات القمة، والتي لا تتوافق مع المواقف الايرانية المعلنة..؟؟
- الحضور الاميركي والغربي العسكري الضخم في المنطقة الى جانب الرسائل الاميركية الواضحة بتحذير ايران من مغبة ارتكاب اي خطأ او سوء حسابات في التقدير، والتي دفعت رئيس وزراء العراق (السوداني) الى التوجه مباشرة الى طهران عقب زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة (بلينكن) يؤكد الجدية والخطورة...؟؟
- اذا كانت ايران قلقة من التهديدات الاميركية، مما دفعها لاتخاذ مواقف ضبابية او اقل حدة من السابق، وهي دولة ذات حضور وقوى مسلحة ضخمة وتملك امكانات عسكرية كبيرة، فما حال قوى المحور(الحوثيين، حزب الله، الحشد الشعبي) .. هل بإمكانها خوض حرب مفتوحة او الانغماس في صراع مدمر مع الولايات المتحدة في الوقت الذي احجمت فيه ايران عن ذلك..؟؟؟
الخلاصة:
حرب الصمود في غزة، وصمود الضفة الغربية، سوف يغير الكثير من المشهد السياسي والامني في المنطقة، كما ان التحالفات لاتي تم رسمها على امتداد سنوات، والدعاية الاعلامية، والتغطية السياسية، سوف تكون موضع اعادة نظر نتيجة هذا الصمود رغم عدم التكافؤ، من حيث العدة والعتاد.. ولكنها قوة القضية والحق وصلابة الموقف والالتزام بالقضية والالتفاف الشعبي العربي والاسلامي والتحول الدولي..