حزب الله يعيد قراءة المرحلة الماضية، على ضوء الحرب على غزة، والمتغيرات السورية..

تاريخ الإضافة الجمعة 26 كانون الثاني 2024 - 11:22 ص    عدد الزيارات 544    التعليقات 0

        

حزب الله يعيد قراءة المرحلة الماضية، على ضوء الحرب على غزة، والمتغيرات السورية..

بقلم مدير المركز اللبناني للابحاث والاستشارات.. حسان القطب..

المشهد السوري اليوم، لا يوحي بأن الاستثمار الايراني في الحرب على الشعب السوري، لحماية ديكتاتور دمشق قد اثمرت ما كانت طهران تتمنى او تسعى للوصل اليه او تحقيقه وانجازه..

في المعطيات التي يراها ويلحظها كل مراقب ومتابع وناشط سياسي يبرز الاتي..

  • اغلاق مطاري دمشق وحلب، نتيجة القصف الاسرائيلي المتواصل على المطارين، واللذين كانا تحت ادارة ايران وميليشياتها ..مما يحرم ايران وادواتها في المنطقة وخاصة حزب الله من الاستفادة من تسهيلات النقل والدعم اللوجيستي الذي كانت تعتمد اليه سابقاً
  • فتح مطار اللاذقية للرحلات الدولية، وهو الخاضع للرقابة والادارة الروسية، دون اي تدخل اسرائيلي معناه ان توافقاً غير معلن بين روسيا واسرائيل لضبط الدور وحتى الوجود الايراني في سوريا..لان ايران لن تستطيع استخدام مطار اللاذقية بحرية كاملة كما كانت تتصرف في المطارين المستهدفين..
  • الدور الاردني المستجد في جنوب سوريا، من اشتباكات وعارات جوية داخل الاراضي السورية، ضد عصابات التهريب المدعومة ايرانياً كما اشار البيان الاردني.. يعطي الصراع في جنوب سوريا بعداً جديداً، ويشير الى ان لاعباً جديداً هو الاردن قد دخل على خط الصراع داخل سوريا..
  • الاشتباكات المتواصلة بين الميليشيات المدعومة من ايران وتلك المدعومة تركيا، في شمال سوريا..(ادلب، وشمال حلب).. مما يستنزف القدرات الايرانية وينهك ميليشياتها وخاصة الحشد الشعبي وحزب الله اللبناني..
  • الاستهدافات المتواصلة من قبل سلاح الجو الاسرائيلي كما الاميركي لمعابر سوريا مع العراق، والتي يمر عبرها قوافل السلاح والذخيرة القادمة من ايران عبر العراق..
  • الغارات الجوية الاسرائيلية، على منشآت ومستودعات اسلحة وذخيرة في مناطق مختلفة من سوريا، والتي تضرب بدقة مما يوحي بأن معلومات واضحة وصريحة وصلت لاسرائيل من قبل عملاء او نتيجة تنسيق عالي المستوى امنياً وربما سياسياً ايضاً..
  • ضربات جوية وصاروخية تستهدف قيادات ايرانية من الصف الاول، وتحديداً ممن عمل تحت قيادة قاسم سليماني الذي قتلته الولايات المتحدة، قبل عدة اعوام، اضافة الى استهداف وقتل قيادات امنية عراقية وربما لبنانية ايضاً..
  • الانفتاح الرسمي السوري المستحدث على الدول العربية وخاصة المملكة العربية السعودية، ودولة الامارات، واعادة فتح السفارات، يوحي بأن مساراً جديداً من العلاقات العربية مع النظام السوري، قد بدات، وهذا يتطلب تغييراً في سلوك ونهج النظام السوري داخلياً وخارجياً..
  • مع احتدام الحرب في غزة والضفة الغربية، والمناوشات المتواصلة على الجبهة اللبنانية مع فلسطين المحتلة، لم يتم فتح الجبهة السورية، باستثناء اطلاق بعض الصواريخ بين الحين والآخر.. ودون تأثير او فعالية تذكر..
  • ومؤخراً ....(أعلنت الرئاسة السورية، أن بشار الأسد ترأس اجتماعاً لقادة عسكريين، وذلك بعد أيام من تداول معلومات عن تغييرات في رؤوس الأجهزة الأمنية، واضاف البيان، إن الاجتماع تركّز «حول الأثر المرتقب لإعادة الهيكلة التي تجري في المجال الأمني، وتطوير التنسيق بين الأجهزة». وأضافت أن «الاجتماع وضَع خريطة طريق أمنية وفق رؤى استراتيجية تُحاكي التحديات والمخاطر الدولية والإقليمية والداخلية بما ينعكس على أمن الوطن والمواطن، وأمن القوات المسلَّحة أيضاً». ويأتي هذا الاجتماع بعد أيام قليلة من تداول وسائل إعلام سورية غير رسمية معلومات عن تغييرات أمنية مفاجئة طالت مراكز أمنية حساسة في سوريا.).. مما يعني ان تغييرات جذرية سوف تطال الوضع الامني في الداخل السوري، وفي علاقة النظام السوري امنياً وسياسياً ولوجيستياً مع الميليشيات الايرانية المتواجدة على الاراضي السورية..

حرب غزة، والتي مضى عليها حوالي اربعة اشهر بعد بضعة ايام من اليوم..جعلت من حزب الله امام مواجهة حقيقية وشرسة مع اسرائيل عبر الحدود اللبنانية، وفي نفس الوقت حزب الله منخرط في الحرب السورية، في مواجهة الشعب السوري الذي انتفض على نظام الاسد ومن يدعمه.. عندما انطلقت ميليشيات حزب الله الى سوريا، للدفاع عن ديكتاتور سوريا، بطلب وقرار ايراني، تحت عنوان سياسي يقول: (يبقى الاسد او يفنى البلد).. واستناداً الى شعارات دينية تقول..(لبيك يا زينب) و(لن تسبى زينب مرتين).. والخامنئي مرشد الجمهورية الايرانية وولي كافة الميليشيات الشيعية اطلق عنوان بالغ الخطورة حين اعتبر ان الحرب في سوريا هي بين (الايمان والكفر)..

المشهد السوري اليوم، كما اشرنا لا يوحي بأن الاسد يمثل حالة الايمان بقدر ما يمثل حالة انتهازية، يستنجد بمن يرغب، ويملك شهوة الحرب، والطموح في توسيع نفوذه السياسي والديني، وفتح ابواب الاستثمار واسواق استهلاكية جديدة.. فكانت ايران ومن ثم روسيا.. واليوم مع انشغال العالم بأسره بالحرب الاوكرانية- الروسية، والحرب الاسرائيلية على غزة.. وجد الاسد فرصة مناسبة لتقديم اوراق اعتماده، بان ينأى بنفسه عن المحاور المتصارعة، والبحث عمن يقوم بتمويل اقتصاده المنهار ويرضى بان يبقى في سدة الرئاسة مقابل التخلص من الحضور والدور الايراني في سوريا..

المشهد الفلسطيني.. الذي يتمثل في الحرب على غزة، التي لا تزال مستمرة، والضفة الغربية التي تعاني من اقتحامات وقتل واعتقال بشكل يومي تقريباً.. الا ان صمود غزة، وسكانها ومجاهديها،واستمرار التصدي للاحتلال، بعزيمة بالغة وتضحيات غير مسبوقة، خلافاً لكل التوقعات، وخاصة الايراني والاسرائيلي منه والذي كان يتوقع سقوط غزة خلال اسبوعين على الاكثر، كان مفاجئاً للجميع..

فكان لا بد من اعادة النظر في كيفية التعامل مع هذا الواقع الجديد.. ورسم استرتيجية جديدة.. والانطلاقة من لبنان.. الذي يشكل مفتاح المنطقة، وساحة المواجهة، والميدان الذي لا يعرف الاستقرار سياسياً وامنياً منذ العام 2005..!!

المشهد اللبناني، المنقسم، والمتداعي، والمنهار، كان من اهم الاسباب التي دفعت حزب الله الى اعادة النظر بحضوره ودوره وتحالفاته على الساحة اللبنانية.. خاصة بعد ازمة العلاقات مع جبران باسيل زعيم التيار الوطني الحر.. مما جعل من حزب الله وحيداً معزولاً عن باقي المكونات اللبنانية، التي استعداها بل ناصبها العداء نتيجة رفضه لدورها وحضورها.. على الساحة اللبنانية معطياً نفسه الحق الحصري في التصرف دستوريا ورئاسياً وحكومياً وادارياً ومالياً وامنياً.. والطرف الاسلامي السني كان احد اهم ضحايا هذه السياسة والتوجه، في لبنان.. بناءً على الشعور بفائض القوة التي وصل اليها حزب الله ومحوره الايراني مع تراجع الثورة السورية وتهجير الملايين من ابناء الشعب السوري من مختلف الطوائف.. والاستناد الى التدخل الروسي بحضوره الدموي والاجرامي..كما هي عادته التاريخية، وكما راينا حالياً في اوكرانيا من ممارسته الاجرامية..

حزب الله يحاول اليوم استعادة حضوره وانتاج علاقات جديدة مع المكونات اللبنانية وخاصة الاسلامية منها باعتبار انها تشكل حاضنة للقضية الفلسطينية.. وموقفه المعلن المؤيد للقضية الفلسطينية واحتضانه لقيادات فلسطينية في لبنان.. قد يشكل مدخلاً ومخرجاً لتحسين العلاقات..ولكن اصطدم حزب الله بصلابة ردود فعل هذه القوى التي وجدت ان المطلوب منها مساعدة حزب الله على اخراج نفسه من العزلة التي وضع نفسه فيها بسبب سياساته الايرانية، التي ادت الى استعداء العالم الاسلامي من اليمن الى العراق والبحرين ونيجيريا وغيرها..والتي اكدت انها لا تستطيع طي صفحة، معاناة الشعب السوري، والتعاون مع حزب الله في الملف الفلسطيني، لان المعاناة في سوريا وفلسطين واحدة، من قتل وتهجير وتدمير ونزوح واعتقال، وحرب ابادة.. رغم اختلاف اسماء المعتدين.. ولا فرق ولا تباين بين الدم الفلسطيني والسوري..لان العدوان والاجرام له تعريف واحد.. ولا تبرير لاية جريمة...!!

لذلك يتردد في اوساط اسلامية.. ان قيادة حزب الله ومراكز الدراسات والابحاث فيه، اضافة الى بعض مراكز النفوذ المؤثرة ضمن قيادة حزب الله، تعيد النظر في سياساتها.. في لبنان كما في دورها وممارساتها وسلوكها في سوريا، وكذلك علاقاتها مع الشعب السوري، بعد تهجير الملايين وقتل مئات الآلاف، وكذلك نهج التحريض على النازحين في لبنان.. رغم ان نزوحهم كان بسبب التدخل الايراني والروسي في سوريا..

واعادة النظر هذه تستند الى ما اشرنا اليه من تأثير المشهد الفلسطيني على الواقع العربي والاسلامي.. والتحولات الاقليمية التي فرضتها حرب غزة.. وكذلك المتغيرات الاخيرة البارزة في الموقف السوري، مما يفرض وضع تصور يسمح باعادة نسج علاقات طبيعية مع العالم الاسلامي والعربي، في لبنان بداية، ومن خلاله مع العالم العربي والاسلامي..؟؟..

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024..

 الأحد 28 نيسان 2024 - 12:35 م

المرصد الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا — أبريل/نيسان 2024.. حول التقرير.. ملخصات التقرير … تتمة »

عدد الزيارات: 154,781,619

عدد الزوار: 6,965,779

المتواجدون الآن: 63